اقتباس (1) أثناء نوم يوسف، أصابه الفزع بعد أن رأى أفعى تتسلل إلى غرفته، وظلت تجوب الغرفة، ثم صعدت السرير، والتفت بجسدها الأملس حول ساقه الأيسر، وهو ينظرها بخوف شديد، ولم يقوى على الصراخ، كأنه أصيب بالبكم فجأة! وارتعش الجسد الذي تلون بالصفرة، بعد أن هربت الدماء، واختفت من الأوردة والشرايين، التي تراخت، لتستقبل شحنة السموم من تلك الأفعى، التي فتحت فمها وأخرجت لسانها المشقوق، لتلدغ ساق يوسف المكبل. لم يحظى يوسف بحياة الاستقرار والجو العائلي كما ظن فور رؤيته للأستاذ محمد حسن، وبدأت ألوان الحياة تتبدل، وتطغو عليها عتمة كظلام الليل، ودبلت الأزهار، ونفضت الأشجار أوراقها، كأن الخريف قد حضر فجأة. وتملكت يوسف حيرة وهو يجوب المسكن الذي لا يختلف كثيراً عن عنبر السجناء، فلا يوجد به أي وسائل ترفيهية، ولا حتى تليفزيون يضيع الوقت الذي لا يمر، إنها لحياة كئيبة حقاً، ولا بد من التأقلم معها، ربما يأتي الفرج قريباً، وتلين العقول وتتخلي عن عنادها. ——————————- ظل يوسف يجوب مسكنه وهو يبكي ويضرب جدران سجنه اللعين، رافضاً الخضوع لأنظمة تحكمت به ومنعته من وداع أغلى الناس، أمه التي لم يشبع من العيش بجانبها، وتوالت صرخاته حتى كاد أن يفقد صوته، وشعر بضعفه وقلة حيلته. فما أصعب على المرء من استقبال الأخبار السيئة وهو في غربته، لتنتابه الآلام وهو مقيد بسلاسل تكبله وتشعره بعجزه. إنها حياة الغربة يا من تحسدون المسافرين على أموالهم، وأنتم لا تكترثون لبعدهم عن أهليهم، ولا تتذوقون آلامهم التي تسكنهم وهم يتقلبون في فراشهم ليلاً ونهاراً، ولم يشعروا براحة البال التي تسكنكم، فقد أصبحت حياتهم ما هي إلا مكالمات هاتفية أو مرئية مع ذويهم لبضعة دقائق، يخفون دموعهم بين جفونهم وهم يشاهدون أبنائهم خلف شاشات الهواتف، دون لمسهم وعناقهم. إنها أوجاع وآلام لم يتجرعها أحد مثل المغترب. ——————————— اقتباس (3) لقد خاب ظن يوسف، وهو يأمل حياة جديدة، خالية من المتاعب والكراهية، بعد أن مكث الجميع داخل مساكنهم، استجابة للحظر الكلي الذي فُرض بالمملكة، دون عمل ولا سهر ولا جلسات. الكل مسجون بين أربعة جدران، يخاف الخروج لقضاء احتياجاته اليومية، حتى لا يعرض نفسه للمساءلة، ويتم تغريمه مالياً، وخاصة الوافدين، الذين عانوا كثيراً في تلك الفترة، وتحملوا عناء المعيشة، دون عمل يفضي عليهم بالأموال التي جاءوا من أجلها، وتعثر الكثير منهم في سداد الأقساط التي تورطوا بها من قبل، سواء من ابتاع سيارة أو أجهزة إلكترونية….إلخ. وكان أكثر المتضررين هم العوائل، فمن أين يأتي بقوت يومه، ليلبي احتياجات عائلته ويسدد إيجار مسكنه، بعد أن توقفت الرواتب عن الصرف بالنسبة للقطاع الخاص الذي يعمل به الوافدين خاصة.

للحصول علي النسخه الورقية داخل مصر

للحصول علي النسخه الإلكترونية


ابراهيم الباز

الاسم: إبراهيم عبد العزيز أحمد الباز تاريخ الميلاد: 2/2/1981 الجنسية: مصري محل الميلاد: كفور العرب – طلخا –دقهلية -جمهورية مصر العربية المؤهل الدراسي: حاصل على ليسانس آداب-قسم الجغرافيا-جامعة المنصورة mailto:Medohima54@yahoo.com البريد الالكتروني: رقم المحمول :00201095202321 ترشيحات وجوائز تم الترشح لجائزة كتارا فرع الرواية العربية غير المنشورة وتم الترشح لجائزة الشارقة للإبداع العربي ـ الإصدار الأول

No responses yet

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *