“ثائرًا ” يغيم الظلام علي الكون ممتدًا إلى عقلي، الرعد يدوى في السماء واصلا إلى جسدي أرتعد وأرتجف كانت من المرات القليلة التي يرفع جسدي رايته يعلن بها احتجاجه ثائراً في وجهي، إنه وبعد كل هذه السنين الذي بقى بها صلبًا متينًا متماسكًا يخرُّ بكل هذه السهولة هاويًا، كقلعة من رمال شُيدت على الشاطئ والموج حاق بها، اذكره مر بالكثير من الألآم يزفرها، عقبات تخطاها إلّا أنه بقي صلدًا محتسباً، رأيته عاصر الدجى وقبع في وكره، تلقي كثيراً من الصفعات الموجعة وما أكترث لها، انكسر مراراً وبرئ سريعًا، وعلي حين غرة ينسكب أرضًا، الآن يثور لأتفه الأسباب وأحقرها، يحتج لزهيد القول و لطفيف الأفعال، الآن يعترض على القيام والمثابرة، الآن يستنكر شغفه وأماله وأحلامه، كان هذا البركان بالداخل يحمي ويفور دون جلبة وبغتة دوى صوته في الأرجاء منفجراً ، كل ذاك كان جراء ماذا ؟ كانت الأمور تسير بسلاسة علي حد علمي، لكني تخطيت وتجاوزت كثيراً في حق نفسي، مشاعر كثيره تجنبتها تراكم وحشد الكثير من المواقف بداخلي، كتمت كثيرا من غصات قلبي، قمعت كثيراً من احتجاجي علي العالم حولي فرد في صدري، هل كل ذلك جراء استنفادي في علاقات مسمومة غير واعية علاقات نحتاج بها أن نبرهن وندافع عن نفسنا علاقات نتصنع بها يكسوها الخداع أم أنني حاولت كثيرًا أن أكون نفسي وكان العالم لا يريد أشخاص حقيقيه، أم جراء أنك نثرت لطفك لمن لا يستحق ومن استحق ونسيت أن تتلطف بنفسك، أما جراء قلبك الرقيق الذى صدم بغلظة الحياة وشدتها، لم أهتدي جراء ماذا إلّا أنه في مرحلة ما في أوج الهدوء والصمت كسكون يسبق عاصفة ينفجر كل شيء ثائراً محتاجاً معترضاً، مغمغماً بحقوقه التي لطالما تناسيتها وأحقيته في الظفر بما يحلم ويأمل مطالباً بضرورة التعبير عما ينبجس بداخله عما يجول في أعماقه معبراً عن ذاته مبرهناً وجودة، مدافعاً عن حقوقه وحدوده وأحقيته ————————————— “فَنَادَى فِيِ الظُلُمَاتْ” يوم ثقيل آخر يمضي متوانٍ في سيره، هكذا أوقات الشدائد تركل لتمضي، يسدل الظلام ستائره، الإرجاء صامته حولك انطبقت أفواه الثرثارين، ودوى صخب أفكارك مرفرفًا مختليًا بك، تمني نفسك بوهج النهار إلا أن النهار تصبغ بظلام دامس، في هذه الأجواء القاتمة وفي جوف الظلام الحالك، ينبسط جفنك فما تُبصر غير شبح الادهم يحوط بك، كأنك وجبته الشهية وأتم التهمك، يجثو علي صدرك أثقال من كتل الخوف والترقب، عوالمك تصبغت بلبناته، كان بك من النور ما يبدد أرجاءك سرعان ما اندثر، الآن في كبد الدجي تصيح بصوتٍ هزيلٍ همسٍ، وقد وجل قلبك وسرع إيقاعه ،ومللت الالتفات حولك، إلا أنك دومًا ما أصبت توجهًا صائبًا، الآن يتلف حولك الكثير ورغم أنفك تُرهبك الوحشة تجلس في وهج النهار وروحك متعطشة للضياء، همساً خافتاً تتوجه بقلب تقطعت حياله وضئلت أماله فتنادي لا أله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فيثلج قلبك وتهمد أعاصيرك ويسكن عجيج عقلك لتوقن بأنك الآن أصبت توجهك، وأن وحدهم الذى يواجهون الأوقات والأحداث الصعبة والشدائد، يتوجهون بقلوبهم وحواسهم إلي قيوم السماوات، يوقنون ويأملون بالله أنه لن يضيعهم ولن يفلتهم، يشعرون بمعيته وعونه، بتواجده وأنه يسمعهم ويرؤف بحالهم هم من يتجاوزن بأقل خسائر، يأوون إلي ركن شديد، يمرون بسلاسة ومرونة ولطف، يتجاوزن دون قلق وخوف ووجل يعترى أنفسهم، هم الأكثر سلام وتصالح وأكثر مرونة في التجاوز والعبور ————————————— “ذوا دعاء عريض ” تستاء وتضجر وتعترض، تلوح بيدك وتزفر ضيقًا لما يحدث حولك، وبالحقيقة كل ذاك لا يجدي، فلا يذهب بك استيائك وسخطك وعدم رضاك إلي إلى أتجاه، فالحال كما هو لا يحسنه الضجر، ولا تزيح شكواك مصائبك، بل إن هناك اختيار أصوب وأرقى لحالك الآن، وهو أن تتوقف عن التذمر والشكوى والأنين لمشاكلك، فحديثك وتذمرك وشكواك لا يجعلك سوى أن تشعر بمزيد من السوء، تهيم شكوى وتظن أنك بهذا تكون أحسن حالاً، ولن يتغير شيء جراء ذلك، إذا كان هناك أوقات صعبة وأحداث مؤلمة نمر بها فتجدونا نضيع وقتًا كثيرًا في التذمر والشكوى والصياح بلا جدوى، إلا أنه من الأجدر والأفضل أن توظف هذه الطاقة المهدرة لتصحيح الأوضاع الراهنة، والعمل علي تحسينها، وتغيرها قدر المتاح والممكن، إلا إذا كنت تريد أن تنهي عمرك شاكيًا باكيًا متذمرًا، تتوهم أن شكواك قد تغير من ما أصابك، وتبدل من حالك، وتهون عليك مصائبك، إننا نحب أن نشكو محبة الالتفات إلينا والاهتمام بنا، فيسهل علينا الشكوى والنحيب والتذمر، مما يجعل الأمور أسوء مما هي عليه دون أخذ خطوة جدية، أو خوض تجربة جديدة، ووضع هذه الطاقة في سبيل تحسين الأمور وجعلها أفضل، فكلماتك ليست مجرد كلمات، بل كل كلمة تقولها لها أثرها غير الملموس علي نفسك وحالك ومزاجك وصحتك، إن كثرت شكواك يعني أن تنقاد للمزيد من مشاكلك، وعينك ستنقب تفحصًا عنها، لذاك مأمورون أن ننظر بعين إيجابية مفعمة بالحمد في كل صلاة نحمد الله مهما تدهورت الأحوال وساءت الدروب وكثرت المشاكل والأعباء رحلتك من إنسان ساخط مستاء إلي إنسان ممتن رحلة تستحق الخوض وتستحق المثابرة

للحصول علي النسخه الورقية داخل مصر

للحصول علي النسخه الإلكترونية


محمد المرسي محمد

محمد المرسي طالب بكلية التجارة الخارجية

No responses yet

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *